سلام قولا من رب رحيم
والصلاة والسلام على رسوله الأمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه آجمعين ، أما بعد
إن من شر ما ابتُلى به الناس بهذه الأيام هو الايذاء للناس المسلمين بعضهم لبعض بالأسحار والشعوذات وكثير من الأمور التي نهى عنها الشرع ، ومن هذه الأمور أن يقوم الإنسان بفعل هذه المحرمات ، هذه المكفرات ، هذه المخرجات من الدين من الأعمال الشيطانية التي تسبب الإضرار للمسلمين ، ولكن لله سبحانه وتعالى حكمة بالغة في ذلك ، وله عز وجل الأمر من قبل ومن بعد . إذ أنه لا يمكن للسحر أن يصيب الإنسان إلا من بعد أن يأذن الله سبحانه وتعالى ، وقد قرر لنا ذلك عز وجل في محكم التنزيل إذا قال عز وجل : " وماهم بضارين به من أحد إلا بإذن الله " . وإن هذه الآية لتدلنا على أنه لا يصيب الإنسان السحر أو العين أو أي مرض أو أي سقم بهذه الحياة الدنيا إلا بعد أن يأذن الله سبحانه وتعالى ، وفي ذلك معلما لنبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ،
قائلا عز وجل : " قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا " وهذه الإصابة إذا ما أذن الله لها فإنها لن تصيب ، ولذلك نجد أن لو كان السحرة يستطيعون أن يأثرون في كل إنسان في هذا الكون لأصبح الناس كلهم مسحورون ، ولكن في وجود هذه الآية بكتاب الله عز وجل ، نعلم جميعا " أنه ما يصيبنا إلا ما كتب الله لنا . وماهم بضارين به من أحد إلا بإذن الله " . وهي حقيقة ثابته ، هي دليلا واقعا وإلا لأصبح الناس كلهم مسحورون ، ولو كان الساحر يستطيع أن يأثر بسحره بكل شخص وبكل إنسان لأصبح اكثر الناس مسحورين .
ونجد ذلك أيضا بكتاب الله عز وجل أن موسى عليه السلام عندما اجتمع عليه قوم فرعون ،اجتمع عليه مايقرب من 70 ألف ساحرا تقريبا ، لو تخيلنا هذا العدد الكبير والهائل من السحرة وموسى وأخيه لوحدهما ليس معهما أحدا إلا الله سبحانه وتعالى ، ولو تخيلنا هؤلاء السحرة كل أتى بسحره ، وعندما وقع الحق وألقى موسى عصاه على الأرض فتخيلها أولئك السحرة وكأنها أكبر ما يكون الثعبان ، أو أكبر ما يكون التنين . فتخيلوها بهذه العظمة وبهذا الحجم ، ولكن لإنهم علموا أن ما جاء به موسى ليس بأصناف السحر التي يستخدمونها . علموا أنها الحق ، وعلموا أن ما جاء به موسى عليه الصلاة والسلام إنما هو الحق ولا ينطبق على الأمور المادية التي يعتمدوا عليها السحرة . فلما رآوا أنه الحق قالوا : " يا موسى إما أن تلقي ,إما أن نكون أول من ألقى ، قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيلوا إليه من سحرهم أنه تسعى " موسى عليه السلام أوجسى في نفسه خيفة من هذه الحبال وهذه العصي التي ألقاها السحرة ، وجاءوا بسحر التخيل التي يصيب العين فرآها وكأنها دواب تمشي فوقها ،
ولكن لما ألقى عصاه عليه السلام فإذا هي تلقف ما يأفكون لأن ما جاءوا به الباطل وما جاء به موسى هو الحق من عند الله سبحانه وتعالى وهي آية أيد الله سبحانه وتعالى بها لنبيه موسى كليم الله صلى الله عليه وسلم . ومن كثرة ما نرى في هذه الأزمنة من الأسحار ومن الأعمال التي يصنعها الناس بعضهم لبعض ، حتى أن البحر أصبح مأوى لهذه الأسحار جميعا ،
إذ أن الساحر يطلب من الذي يريد أن يسحر إما امرأة أو رجلا أن يلقى بها في البحر لتكون بعيدة عن ايدي الناس وأنظارهم ، لأن بمجرد اكتشاف مكان السحر وفكه بإذن الله سبحانه وتعالى بعد التعوذ بالله سبحانه وتعالى من الشيطان الرجيم ، والتعوذ من كل ذي شر ، والإستعانة بالله سبحانه وتعالى فإن ذلك السحر ينفك . فينطلق المسحور وكأنه حل من عقاله